الخميس، 22 مارس 2018

هُنا الشارقة

لا زلت أذكر، كلما دخلت إمارة الشارقة، ترقبي لأقرأ «ابتسم أنت في الشارقة»، كان لهذه الجملة التي كتبت بالزهور وقع خاص في نفسي، لتصبح هي الإمارة الباسمة، وبعد أن كبرت تعلقت بها بشكل أكبر وأعمق، كيف لا وهي قبلة العلم والثقافة؟ يكفي أن نذكر معرض الشارقة الدولي للكتاب لترتسم ابتسامة رضى على وجوه المثقفين وعشاق القراءة من مختلف الأقطار.
دوماً ما تلفت إمارة الشارقة زائريها بطابعها ورونقها الخاص، من المتاحف المتنوعة بين التاريخي والعلمي، إضافة إلى المبادرات الثقافية على مدار العام، بحيث أصبحت تتفرد بمكانتها النهضوية الثقافية الرفيعة بين مختلف الإثنيات، لذلك فمن الطبيعي أن تكون ذات حظوة في كل محفل يقدر الجهد الثقافي، وعليه وعلى غير عادة معارض الكتب تصبح مدينة وليس دولة ضيف شرف معرض باريس الدولي للكتاب، لتكون الشارقة ممثلة لدولة الإمارات بعراقتها وتراثها وثقافتها.
المكانة التي بلغتها الشارقة لم تكن محض صدفة، إنما جهد دؤوب وعمل مستمر وشغف خالص، هي تمثيل لفكر الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، روح الثقافة والسمو، الذي لم يدخر جهداً في إعلاء مكانة المثقفين العرب، ورفع شأن العلم والعلماء من مختلف الجنسيات والأعراق، ليؤكد لنا أن العلم هو أساس التقدم، ليجعل الشارقة مثالاً حياً لمقولة منارة الثقافة والأدب.

سعادة صغيرة

أذكر عندما كنت أتدرب على قيادة السيارة، كنت في بداية التدريب في منطقة ذات زحام شديد، توقفت مع الآخرين عند الإشارة الحمراء، وكما يبدو أني كنت قد عقدت حاجبي وتظهر علي علامات التوتر، في تلك اللحظة انتبهت إلى قائد المركبة المجاورة، أنزل النافذة قليلاً وأخرج يده مشيراً بإبهامه بحركة تعني إنك جيدة وتستطيعين أن تخوضي في الزحام من دون توتر وقلق، فما كان مني إلا أن ابتسمت أنا والمدربة التي تجلس قربي، لأكمل ذاك اليوم بسعادة وقدرة أكبر على تخطي الصعوبات.
إن العطاء ليس محصوراً في المال كما يظن البعض، تقول جويس هيفلر: غالباً ما نفكر في العطاء على أنه الهدايا العينية التى نمنحها، ولكن أعظم عطاء يمكن أن نقدمه هو العطاء من وقتنا، وإحساننا، وحتى المواساة التى نمنحها لأولئك الذين يحتاجون إليها، إننا ننظر لتلك الأشياء على أنها غير مهمة؛ إلى أن نحتاج إليها.
قد تكون تربيته على كتف تلميذك في الصباح، ربما هي سؤال العامل عن أحوال أهله في بلاده البعيدة، وربما هي مسحة بيدك على رأس طفل يتيم، العطاء هو إحساس بمن حولك، والقيام ببادرة لطيفة اتجاههم، جرب أن تقدم تلك السعادة الصغيرة، ولا تستغرب جمال انعكاسها عليك.
وكما ورد عن النَّبي صلى الله عليه وسلم: (لا تحقرنَّ من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْق).

التعاطف الذكي

سؤال مباغت من إحدى الصديقات، كيف لك أنت تكملي يومك بشكل طبيعي بعد ما سمعت عن حال فلانة المزري؟ كأن دموعي وتقطيب جبيني سيكون الحل لمشكلة تلك الصديقة، مع الأسف لدينا فهم خطأ للتعاطف، ولتصبح صديقاً جيداً يجب أن تسقط مع صديقك في سلبيته، وتتحدث طوال الوقت عن المشكلة التي لا تملك حلها أنت، ولتكتئب قليلاً كنوع من الدعم المعنوي.
فطرتنا السليمة تجعلنا نتعاطف مع من حولنا، في مختلف الحالات، ولكن هناك نوعان للتعاطف:
الأول: التعاطف الرطب، أو السلبي، وهو التعاطف الذي يستخدمه الأغلبية، وهو ما يجعلك كمتعاطف تحمل أعباء مشاكل الآخرين، تشحذ نفسك بمشاعرهم السلبية، بحيث لا يكون لديك سوى الرثاء لحال الشخص المغبون، بل وتذكيره بمدى عظم مصيبته، ومع الوقت تتحول إلى شخص سلبي، تجر وراءك أصحابك إلى مستنقع الكآبة.
الثاني: التعاطف الجاف، ولو أني أفضل أن أطلق عليه التعاطف الذكي، الذي لا يصل له إلا الواثقون بأنفسهم، الذين يتركون مسافة كافية لكي لا يصابوا بالسلبية، هذا النوع من التعاطف يقوم على الإصغاء، وتقديم الدعم الإيجابي، مع عدم الخوض في مستنقع التفكير السلبي، بل تكون أنت الحبل الذي تخرج به الآخرين من قعر الظلمة، وبالطبع هؤلاء الأشخاص لا يعترفون بكلمة لو.

مرادفات القلق

دوماً ما وجدت أن القلق صفة ملازمة لأشخاص تتسم شخصياتهم بالتسويف والمماطلة واختلاق الأعذار، ومع الأسف هؤلاء يضرون أنفسهم بالمقام الأول، ناهيك عن أن من حولهم يصبح لديهم تحفظ كبير في مشاركتهم بعض المشاريع أو توظيفهم حتى، ويفقدون احترامهم لدى الآخرين، ولكن المشكلة أنهم بالنهاية يتحولون إلى شخصيات يتوقى منها الجميع.
لنبسط المسألة، أنت قلق من أنك لن تنهي المشروع الذي أوكل إليك منذ شهر وموعد تسليمه بعد أسبوع، وذلك سيؤدي إلى لفت نظرك في العمل، وقد يكون هناك كلمات عن خيبة أملهم وثقتهم بك، ما الذي ستفعله لتتخلص من هذا القلق، هل ستستمر في قلقك؟ أم أنك ستباشر في إنجاز هذا المشروع بشكل جيد لكي تسلمه منجزاً بالكامل بعد أسبوع وتتوقف عن تأجيل العمل؟ بالطبع الخيار الثاني هو الصواب كما ندرك جميعاً.
يقول روبرت فورست: السبب في أنه لماذا القلق يقتل الناس أكثر مما يقتلهم العمل؟ أن الناس تقلق أكثر مما تعمل، في أغلب الأحيان نحن نقلق لأمور نملك القدرة على أن نسيطر عليها، كبداية التسويف والتأجيل هما بذرة القلق، فعليك التخلص منهما بأسرع وقت، لذلك عليك أن تبذل بعض الجهد لإنجاز كل عمل موكل إليك مع أو قبل الوقت المحدد، وبعدها قارن حياتك مع القلق وبدونه.. أيهما ستختار؟

حدثنا مصدر موثوق

في الآونة الأخيرة قمت بإضافة حسابات مهتمة بالتاريخ في أحد برامج التواصل الاجتماعي، كون لدي رغبة في التعرف على نوعية الطرح، فوجدت كماً هائلاً من الحسابات التي تُنشر لمتابعين كثيرين أخبار الأقوام الراحلين، ولكي أطلع على مدى تأثير الحساب كنت أنظر للردود على ما ينشره، لأصدم بما آل إليه وضع المتاجرة من خلال دغدغة مشاعر المتابعين فقط لا غير.
وجدت أن أغلب ما ينقل غير موثق، وعند الاستفسار من بعض أصحاب الحسابات عن المصدر، يكون الرد من مصدر موثوق، وأنه قرأ مجلدات ليخرج بهذه المعلومة، ليتهرب من الإجابة، ومن ثم ينتقل الرد إلى هل من الممكن معرفة عناوين تلك المجلدات؟ فيقوم برد ساخر أن ما أدراك أنت بعوالم القراء، وفي الختام يرسل صورة كتاب ذي عنوان رنان، لكن المعضلة أن كاتب هذا الكتاب أيضاً لا يذكر أي مصدر موثوق لما نقله أو أخبر عنه في كتابه، إنما رده أن هناك مصادر موثوقه يعرفها، والمريب أنه لم يسجلها، وتستمر الدائرة.
مع الأسف، أصبح هناك متلاعبون بالتاريخ وخصوصاً الإسلامي، متناسين ـ أصحاب هذه الحسابات ـ أن التاريخ الإسلامي لا يحتاج تزييفاً أو ابتداع قصص ليكون عظيماً، أما ما جعلني في حالة صدمة أن هذه الحسابات بمجرد أن تحصد عدد متابعين جيداً، حتى تنشر إعلاناً أن الحساب للبيع، بكل تلك الأكاذيب.