الخميس، 29 يونيو 2017

قلبي أخضر

كثيراً ما أسمع كبار السن يرددون قلبي أخضر، إشارة إلا أنه ما زال يتحلى بصفات الشباب والقدرة على مجاراتهم، أو أنه ما زال يستمتع بالحياة ولديه رغبة في أن يستمر بذلك، ولكن هل نحن ندعم أهل القلوب الخضراء أم أننا بأنانية نحولها إلى قلوب بلا لون ولا حياة.
في كثير من الأحيان خلال السفر أجلس وأتأمل الناس حولي، حركتهم وتفاعلهم، ودوماً يشدني منظر كبار السن الذين بالفعل يستمتعون بالحياة، يمارسون رياضة الصباح ويرتشفون أكواب الشاي مع الكعك ما قبل الظهيرة، ما يجعل فترة الظهيرة الوقت الأنسب لممارسة هواياتهم بمختلف ميولهم، ولا يحل المساء إلا وهم بكامل أناقتهم واسترخائهم يستعدون لأمسية لطيفة مع من يحبون.
بالتأكيد ليس هذا جدولاً مقرراً على جميع كبار السن، هناك من تجدهم ما زالوا يمارسون أعمالهم مجبرين أو راغبين، ولكن الأهم أنهم ما زالوا يمارسون أمراً يجعلهم يستشعرون أن لديهم قلباً أخضر، للأسف نجد أن بعض المجتمعات تمارس ضغطاً غير مباشر على كبار السن يجعلهم مجبرين على أن يتخلوا عن رغباتهم وطموحاتهم، على الرغم من وجودهم في مجتمع محب ومتراحم، إلا أن بعض الضغوط الاجتماعية التي تمارس للحد من حرية هذا الشخص، تكون مجحفة في حق رغبته بالاستمتاع بالحياة، على الرغم من أنه لن يخرق قانوناً ولن يشذ عن العرف.
كما تتم رعاية الشباب باهتمام وحرص، يجب أن يُرعى الكبار عرفاناً وتقديراً لجهودهم وعطائهم.

مدرب شخصي

في أغلب الأحيان حين نرغب بالتغيير نبحث عن تاريخ أو حدث يكون هو يوم الانطلاق نحو التغيير، كمثال أغلب من يبدأ بحمية غذائية لا يختار يوم الجمعة، كونه يوماً مفتوحاً كما تم التعارف عليه، ويتم فيه كسر الروتين الغذائي الأسبوعي.
والآن ها قد جاء رمضان شهر التغيير، شهر الانتقال من التيه إلى الرحمة، شهر يشد على أيدينا نكتسب من خلاله القدرة على فهم أنفسنا، ويجعلنا ندرك مدى قدرتنا وقوتنا على أن نحقق ما نريد، من خلال الصبر والعمل، دوماً ما أجد شهر رمضان مدرباً شخصياً، نتعامل معه بكل جدية، في مختلف مجالات الحياة اليومية، في الطاعة والتعبد تجد الناس تسعى سعياً حثيثاً، فالكثير يبتعدون عن بعض العادات اليومية التي لا يمكن لهم أن يتركوها، تعظيماً لحرمة هذا الشهر، وذلك بحد ذاته كفيل ليخبرك عن مدى قدرتك على أن تتخلى عن العادات السيئة في مختلف أمورك.
ففي رمضان يكون لديك روتين منتظم لمدة شهر كامل، وهذا الروتين كفيل بأن يجعلك تنتظم في جدول جديد، تتبنى عادات جديدة أو تتخلص من عادات لا تعجبك في نفسك، وهذا كله سيتم تخزينه في اللاوعي لديك حتى يصبح عادة تمارسها دون تفكير، لذلك هذه الفرصة التي تأتينا كل عام مرة يجب علينا أن نتأملها ونفكر كيف بإمكاننا أن نسخرها بما يعود بالنفع علينا طوال العام.

مسافر

في أحد المجالس العفوية مر سؤال جعلني أقف وأفكر طويلاً، لماذا تسافر؟ هل فكرتم لماذا تسافرون؟ بطبيعة الحال ستختلف الإجابات باختلاف الأشخاص ومفهومهم للسفر، ولا ننسى الظروف المتعلقة بالسفر من سياحة أو علاج أو عمل، ولكن فعلاً بدأت أفكر لماذا أسافر.
في كثير من الأحيان يكون السفر رغبة في التخلص من الروتين الذي ليس لدي مقدرة لأن أتخلص منه ما دمت في المكان ذاته الذي أمارسه فيه، والروتين من الأمور التي تقتل روح التغيير وحب الاستكشاف، ولكن في بعض الأحيان أجد أن السفر مرتبط بغاية أخرى، التعرف على النفس بشكل أفضل، في السفر نخرج عن نطاقنا المعهود في التعامل مع أنفسنا ومع من حولنا، من خلال السفر أدركت نقاط القوة لدي، وأيضاً اكتشفت بعض نقاط تحتاج لأن أعالجها، ولكن أجمل ما وجدته في السفر هو كيفية تغير النظرة المحدود للعالم، ففي السفر تتعامل مع ثقافات مختلفة جديدة، وإن كانت رحلتك لبلد يتشابه مع طبيعة بلدك ومعتقداتك، ستكتشف عادات جديدة، وستنفتح على أسلوب ثقافي مختلف تماماً.
من خلال السفر بدأت أدرك أهمية التسامح واحترام المعتقد، فمن خلال التعامل المباشر والاحتكاك بالأشخاص في الأماكن العامة والمناطق الخدمية، وجدت أن الشعوب الأخرى لا تختلف عنا إنما نجهل مدى تشابهنا، وهنا وجدت أن السفر من الأمور التي تجعلني أتقبل الآخر بشكل أفضل، لذلك أسافر.

قتل الإبداع

عندما طلبت المعلمة من الطلبة أن يرسموا مربعاً كما علمتهم، اتبع الجميع ذات النهج ورسموا مربعاً إلا طالباً واحداً، رسم مربعاً بأسلوب مغاير فرسم مثلثين ولصقهما ببعضهما ليكونا مربعاً، لم تتقبل المعلمة هذا الفعل واعتبرته بطيئاً في الفهم، ولا يستطيع أن يجاري باقي المجموعة في الفهم والاستيعاب.
الحقيقة أن هذا النهج بات سائداً في أغلب المؤسسات مع بالغ الأسف، فكلما جاء شخص بفكرة جديدة يتم رفضها وإقصاء ذلك الشخص عن المجموعة، وكأنه ميكروب سيصيب باقي الأعضاء بالعطن. أغلب من يرفضون تقبل الاختلاف أناس يفتقرون لنضوج مداركهم، ويفضلون أن يبقوا في مساحة الراحة، وإن كانت صحراء جرداء أو مستنقعاً عفناً.
الموظف والطالب الذي يبتكر ويملك طموحاً وخيالاً مقترنين بهمة وعمل، غالباً يصاب بالإحباط جراء مسؤولين لم يغيروا حتى لوحة في مكاتبهم منذ أن بدأوا العمل قبل أعوام طويلة، الجيل الجديد يحب العطاء، يسعى للتغيير والتميز في شتى المجالات، بينما يصطدم بعائق رغبة مسؤول في إتمام العمل بشكل روتيني، ليحصد شهادة باردة تُرمى في أحد أدراجه.
من خلال دراستي في الكلية، أن تقوم بالعمل المطلوب فذاك يعني حصولك على درجة مقبول فقط، وأن الجيد جداً والامتياز لا يأتيان بمجرد اتباع النموذج، وإنما بالتفكير خارج الصندوق، واستكشاف أمور جديدة لمقارنتها مع المعلومات السابقة، فهلاّ أفسحتم المجال للمتفائلين؟

قهوة ورق

لفتني عنوان المبادرة السلس واللطيف، لها وقع جميل على المستمع، وعنوان بسيط بحيث يسهل تداوله ولافت في آن واحد، ما يجعله عنواناً أو شعاراً ناجحاً من وجهة نظري.
المبادرة تسعى لجعل المتابعين يقرؤون كل أسبوع فصلاً من كتاب، ويلخصونه بأسلوبهم الخاص، لا عن ماذا تحدث الكتاب؟ بل ماذا استفدت من الكتاب؟ وهكذا يتم تبادل أفضل الآراء بحيث تعم الفائدة على الجميع. إلى هنا وأنا أجدكم ترونها مبادرة قيمة ولاقت استحسانكم ولكن أين الجديد؟ الجديد أنها مبادرة يطلقها شاب من مشاهير التواصل الاجتماعي، عرفه الجمهور كمنشد وناشط اجتماعي في مجال دعم المرضى، وحاصل على الرخصة الدولية للعمل التطوعي، هذا الشاب المتفرد بعفويته المطلقة وأسلوبه البسيط القريب للقلوب هو معاذ الحواس.
ما يميز معاذ أنه على الرغم من الشهرة والأضواء لم ينجرف خلف الإسفاف الذي نشاهده بين أغلب مشاهير التواصل الاجتماعي، فرض احترامه باحترام متابعيه، فلا يقدم إلا كل ما هو مفيد في مختلف المجالات، يشاركهم يومياته دون تصنع، ويناقش القضايا التي تهم أغلب المجتمع بصراحة وموضوعية، رافضاً أن يجعل همه الأوحد صورة المشهور الذي يعيش في عالم مثالي أقرب للخيال.
وأخيراً أطلق معاذ مبادرة قهوة ورق، ليؤكد أنه بالفعل يهتم بأن يقدم كل ما فيه متعة وفائدة للمتابعين بأسلوب راقٍ، هو مثال يحتذى به يا شباب.