الاثنين، 7 سبتمبر 2015

كآبتك المصطنعة


بعض الكآبة المصطنعة كفيلة بأن تخرج لك خبايا من حولك .. أمك بالرغم من إدراكها أنك تصطنع هذه الكآبة إلا أنها تقلق، تهرول إلى المطبخ، تبدأ بطهو كل ما كنت تحبه منذ كنت صغيراً إلى أن كبرت .. وليمة تمتد أمامك، هكذا الأم تقوم بمعالجة صغارها حتى وإن كان من كآبة مصطنعة.
من يحبك بصدق ستجده يخوض مع عباب كآبتك المصطنعة بصدق .. يحاول بقدر ما أوتي من قوة أن ينتزع ابتسامة غارقة في داخلك، لا يفتر أن يروح عنك، يذكرك بأحب الأشياء إليك يغدق عليك بالشوكولاته السوداء باعتبارها علاجاً طبيعياً .. يخنقك باهتمامه بعض الأحيان ولكنك تدرك أنه يحبك.
صديقك يسعى بجهد أن ينتزعك من كآبتك المصطنعة بالخروج .. يجبرك أن تركب سيارته بعد أن غسلها للمرة الأولى من أجلك، يقلب المذياع أملاً بأن يجد شيئاً يهمك، ليس بالضرورة أغنية، ربما موجز أخبار اعتدت أنت سماعه، وإعادة سرده عليه .. سيأخذك لأصحاب نسيتهم، سيجبرك أن تكون وسط الناس دوماً، وعندما يعيدك لمنزلك سيقول لك «الدنيا ما تسوى».
زميلك لا يحتمل أي شكل من أشكال الكآبة وإن كانت مصطنعة، كما في حالتك .. يردد ألا يكفي أني أقابلك منذ عشرة أعوام كل صباح، وأطنان المعاملات التي تقابلنا تكفي لتجعل مزاجي أكثر كآبة منك .. ليس صديقك ذاك من لا يهتم بأمرك أو لا تعنيه، في أفضل الحالات العشرة تحتم عليه أن يسألك: «عسى ما شر» .. ولكنه لا يرتقب إجابة، فقط ينبهك أن لا المكان ولا الزمان يسمحان أن تتمادى في كآبتك المصطنعة، الثامنة صباحاً في مبنى حكومي عتيق وصل زميلك بعد زحام لا يدرك أحد سببه .. إلى اليوم حقيقة أنا أقف في صف زميلك كآبتك المصطنعة أجّلها قليلاً.
عدوك وليس بالضرورة أن يكون عدواً كما يتصور البعض ربما مجرد شخص مل من ابتسامتك الكاذبة، فأتيته بكآبتك المصطنعة، لا يبدر منه أي انفعال، إنما قد تسمع همساً لكن ما عندنا غير تقلبات مزاجك على الصبح، في الأغلب عدوك هو المراجع.
أنت تدرك أن كآبتك المصطنعة هي حيلة لتنفس عن ضغوطاتك التي لن تستطيع البوح بها لأنها قد تحسب عليك مستقبلاً .. هي متنفس لقهر وغضب كتمتهما طويلاً من دون حاجة، كآبتك المصطنعة حيلة لجذب اهتمام من حولك، وفي الوقت ذاته «لتطفيش» من لا تهتم بهم .. كآبتك المصطنعة حقيقة هي سخطك على نفسك التي لا تستطيع مواجهتها بشكل علني بينك وبينها.

رابط المقال في صحيفة الرؤية