راجعين يا هوى راجعين ( اكتملت القصة)


البداية 
         إشتقنا 


إنتقل حديثا إلى هذه الشقة  القريبة لمقر عمله، بدأ يفرغ الصناديق المكدسه كثيرة هي ولا يعلم حقيقة ماذا تحوي أغلبها
بعضها كان مركون منذ زمن في غرفة التخزين والأخرى وضبها على عجاله حين قرر أن يترك المنزل
بعد طلاقه توجب عليه أن يخلي ذلك البيت ويرحل عن  تلك البلد لم يعد البيت يناسبه يجده كبير جدا
ويجد أن ذلك البلد ممتلأ بذكريات يود أن لم تكن يوما ناهيك انه لم يرغب أن يأتي لها يوما
أغلق جهاز الابتوب بعد أن ارسل رساله أخيره (إني عائد إلى نفسي عائد إلى أرضي )
...
اليوم إجازته وهو تفرغ لترتيب هذه الشقه الصغيره  في هذا البلد بلده الأم، قربها من العمل الجديد لم يكن السبب الوحيد كانت أيضا قريبه من الحي الذي،قضى فيه طفولته وفتره من مراهقته يعود بعد أن فارقها منذ ثلاثين سنة.
بدأ بإخراج ملابسه أولا و بعدها أحذيته ومن ثم تفرغ للأوراق المكدسه بذلك الصندوق الذي
نسي وجوده في مخزنه يقلب الأوراق فيجد العديد من الذكريات التي نسي بعضها وتمنى لو أنه لازال يعيشها
شهادات تقدير لمشاركاته في العديد من النشاطات المدرسية صوره هو وأصدقاء المدرسة
ولكن ما شده هو تلك الصوره لتلك الفتاة، لا يعقل كيف نسيتك كيف لي أن لم اذكرك هل رحلتي أو عدتي فالأمر بيننا دوما يختلف
شعرها أشقر طويل إبتسامتها ساحره عيناها تشع براءه وجمال، كم كنت أحب فستانها الأبيض الذي يحوي زهور زهريه صغيره
كانت جارته تختلف عنه بالشكل والدين وأما اللغة بينهما لها قصة اخرى، إلا أنهما كانا يتواصلنا بشكل عجز عن فهمه الجميع
بعد المدرسة يقضي يومه معها يلعبان بين الأشجار وقرب النهر الصغير، ضيعتهم لم تكن كما الآن كانت
ريفيه بحته أما اليوم فدخلت بها بعض البنايات ولكنها تتناسب بشكل ما  مع الوضع العام
...
عاد ليعمل طبيبا في المشفى المخصص لتلك المنطقة التي نشأ فيها وتعلم بتلك المدرسة المجاوره
يتأمل من نافذته البيوت التي لطالما مر بجوارها يحفظ تلك الدروب الموصله بين الساحة العامة وتلك المنازل
التي تبدو من نافذته الآن وكأنها بنيت لتكون حلقات حول تلك الساحة الكبرى
يوم مُمطر خرج يجوب تلك الطرقات يستمتع بنفات المطر التي تداعبه بحنو مرحبه بعودته
 ذلك منزل والديه به أطفال يلعبون بالباحة الخلفيه كما كان يفعل هو بصغره ينطون وكأنهم يحتضنون المطر
أو يحلقون مع السحاب المثقل عله يمطرهم في تلك البلاد البعيده المصنوعه من الحلوى ونهرها يجري بالحليب بالفانيلا وبه أسماك من الشوكولاته كان يفكر ويضحك على تلك الخيالات اللذيذه  ولكنه يتحسر كيف أن إستغنى والديه عن ذلك المنزل وعن هذه البلد كيف تركوا كل شي ورحلوا إلى المهجر
....
عاد لشقته التي أحبها أو أحب الأرض التي بنيت عليها كانت تله ترهق من يصعد إلى قمتها على الأقل بالنسبه له ولها كانا صغاراً بالعاشره عندما بدأ والداه يفكران بالهجره عندما أكمل الثالثة عشر رحل ولم يتمكن من وداعها بحث عنها طويلا لم يعلم انها كانت تراقبه من نافذتها بحذر لم ترد ان تودعه لم ترده ان يرحل  وهو ظنها ليست مهتمه برحيله
...
تلك الفتاه كانت فاتنة بشعرها الأشقر الذي يكسر حدة سواد شعره  يلعبان ويتكلم هو كثيرا كان لا يخشى أن يبحر بخياله وهو يروي لها كل ما يجول بخاطره هي تصغي دوما وتبتسم وتلوح له ولكن لم تكلمه يوما منذ أن قدم والدها للعمل في هذه المنطقه الريفيه في مشروع لمد طريق حديث بين المناطق الريفيه وجاورهم كانت هي بالثامنه لم تختلط بأحد لم تذهب للمدرسة كان البعض يظن أنهم لم يرغبوا أن تختلط بسبب إختلاف الدين ولكن لم يعلم أحد أنها لا تتكلم إلا بعد مده طويله اليوم هو كطبيب يحاول أن يفكر بحالتها من ناحيه طبية ليفهم لما لم تكلمه
يوما سمع صوتها كانت تسر بأمر لدميتها وتبتسم له يدرك جيدا أنها تتكلم ويدرك ايضا جهل العديد لأمرها
بعد رحيله بعام إنتهى المشروع ومدت الطرق ورحل كل من كانت لهم صلة عمل هذا ما كان قد عرفه من حديثه مع أصدقائه في المقهى الجديد الذي أفتتح بالقرب من المقهى القديم وبينهما لا يفصل إلا طريق تمر به السيدات ليذهبن إلى السوق لازالت هناك طرق لم ترصف طرق فرعيه يحبها ويحب بصمت حذاءه على رملها الناعم ود لو أنه يستطيع أن يتخلى عن كل ذلك الرونق ويمشي حافيا بل يركض حافيا بين كل تلك الطرقات حتى يصل إلى منزلها ويناديها بصوت عال  كما كان يفعل بصغره فتطل عليه وهي تلوح له وتبتسم
....
كان الكل يدعوه لوجبه أو شراب  كان يحب تلك الدعوات ويلبيها يحس بأنه يستعيد تلك السنوات التي ضيعها في بلد غريب  إضطر أن يتأقلم معه حتى جائته الفرصه أو أوجدها هو ورحل ليعود إلى تلك الأرض التي لا طالما عشقها.
يحب عمله فبعد العمل لايوجد شيئ يذكر مقهى و أصدقاء المشي فقط، قرر أنه سيشتري منزلا هو لا يطيق صبرا يريد ان يكون على الأرض يريد بيت بساحة أمامية يزرع فيها زهور و شجرة صنوبر وساحة خلفية بعريشة عنب و حوض نعناع و فليفلة و فل يريد منزلا يعرفه يريد منزل والده. 

..............

 و بعدين 

       كيفك إنت ملا إنته



قالت له هل تعلم يا دكتور من مر من هنا منذ عدت أيام
إنها جارتك البكماء هل تذكرها تلك الفتاة الشقراء
صدمته تلك الجملة أحس أنه بحلم
ماذا قلتي
الفتاة تلك الذي كان والدها يعمل في مد الطرق
ربما نسيت دعك من الأمر
لا لا أن أذكرها ماذا بها
مرت على قريتنا كبرت تلك الصبية وإزدات حسنا
لن تصدق لازالت تبتسم كما عهدناها يقال أنها أخذت الكثير من الصور لمنزلهم ولمنزلكم القديم
أيضا وأنها كانت تطيل النظر لنهر ورحلت بعد أن سألت عنكم هل عدتم
سألت كيف سألت هي تتكلم الآن
آه نعم قيل أنها تكلمت لا اعلم حقيقة الأمر ولكني تذكرتها وأنا قادمه للمشفى
رأيت صبية تشبهها قرب الساحه تمشي بالطريق المؤدي إلى النهر
.....
ترك المرأه العجوز
خرج من الغرفه يتنفس بصعوبه ولكنه لايدرك
كان يهرول حتى خرج من المشفى بدأ يركض
يبحث بعينيه هنا أنتِ هنا
لا أصدق ربما العجوز تكذب ربما لا ربما تشبهها
لا أنتِ جئتي لي أنتِ هنا
يركض ويركض ويركض
هذا هو النهر أين أنتِ
يتلفت بسرعة حتى كاد أن يصاب في عنقه
أومضت عيناه برؤيا الجسر ليس هنا إنها على الجسر الصغير في النهر الصغير بالتأكيد
بدأ يركض بسرعة توقف فجأه كانت تقف هناك تبتسم هي نعم هي
إقترب بدأ يلتقط انفاسه هل يعقل أنتِ هنا
إبتسمت له وقالت مرحبا دكتور كم أنا سعيدة أني إلتقيتك اليوم أخيراً
كنت سأمر عليك في العياده لا تعلم كم كنت أتوق للقائك
بدأ يصفو فكره قليلا هذه هي ولكنها صغيره كيف يعقل ان تكون بهذا السن
من أنتِ هل أنتِ شبح أو
بدأت تضحك هل يعقل أن تكون طبيب وتؤمن بتلك الأشياء
بالطبع لست شبح أنا إبنت صديقتك أشبه أمي كثيرا
أليس كذلك و حتى عندما مررت من هنا منذ عدت أيام ظن الجميع أني أمي
كم هم بسطاء وطيبين فرحوا كوني أتكلم لم اشرح لهم
هلا شرحتي لي لما نت هنا وأين هي أمك
 هلا جلسنا في مكان لنتحدث ربما المقهى القديم
نعم بالطبع
يجلسان في زاوية وأمامهما كوبان من الشاي بالنعناع الطازج
ترتشف منه وتقول إممم ما ألذه كما وصفته أمي
فهمت من نظرته أنه يريد كل الحكاية وليس لديه أي رغبه أن يسمع ثنائها على المكان والناس والقريه
حسنا بعد رحيلك بسنة عادت أمي مع والديها إلى بلادهم وقرر جدي أن يخوض عمل جديدا في بلد جديده
وعادوا للإرتحال مجددا عندها بدأت أمي بكتابت مذكراتها عن كل ذكرياتها عن الإرتحال
بدأت منذ صغرها تتنقل لم تعرف يوما المدرسه لم تحضى بأصدقاء ولم تختلط بالحياه
إنطوت وإعتزلت ربما مشكلتها مع النطق كانت سبباً ولكن الأسباب لحالت أمي كانت كثيره
أجد أن أبرزها أنها لم تنتمي يوما لبلد لأرض أو لشيئ ولكنها إنتمت لك
أنت الصديق الوحيد الذي عرفته طيلة حياتها رحيلك كان أحد أسباب أنها قررت أن
تنفصل عن تلك الحياة المهاجره التي لم تعد تطيقها بعد أن أتمت أمي الثامنة عشر قررت أن
تنفصل عن جدي عادت إلى هذه البلد كانت تريد أن تكون هنا في ذاك المنزل الذي وجدت به
شيئ يبقيها شيئ يجعلها تخرج تركض تبتسم يجعلها تحس بمعنى الحياة
لم تجدك ولم تجد أي خيط يوصلها إليك عندها إستقرت في المدينة بدأت تعمل
ربما أنت تعلم أنها مبدعه في كتاباتها أو قرأت لها
هز رأسه بالنفي
غريب حقا فأمي إسمها جداً معروف في الصحافة المحليه
لست متابعا للصحافة المحليه عدت من قريب
أعلم ذلك حين مررت اخبروني أنك عدت ولكن لم أرغب عندها أن ألتقيك
لأني لم اتوقع وجودك بالفعل  فلم أجلب معي الأمانه
أيت أمانه
تبحث في حقيبتها ها هي هذه هي الأمانه
يمسكها بهدوء يأخذ نفسا عميقا احس أنه يتنفس تلك الرائحه
التي لا طالما إقترنت بها
حسنا دكتور لا أرغب أن اقضي الليل هنا لذا يجب أن اعود
ولكنك لم تكملي بل أين امك الآن
في الواقع لا استطيع الإجابه إقرأ الأمانه وشكرا على الشاي
ستذهبين ببساطه
نعم الطريق الذي رصفه جدي أصبح عتيقا لابد أن أعود قبل دنو الليل
إلى المدينه وإلا إضطررت أن أجابه الطريق ليلا وحدي
....
بدأ فضول من حوله يزداد الكل حين علموا بدأوا بالمرور بالقرب من المقهى القديم
ومن كان في المقهى الجديد تركه وعاد ليجلس في القديم الكل ينتظر أن يتكلم

هذا الطبيب الذي عاد ليعيد ذكريات وأناس قد نسوهم 
....

و البداية عن جديد

                      أنا لحبيبي و حبيبي إلي





مغلف به أوراق هذه هي الأمانه أراد فتحها ولكن إخترق سمعه كلمات متتاليه وأصوات عاليه
ها ماذا قالت ها من هي يا دكتور أخبرنا ماهي القصه
خرج من المقهى يسير بهدوء يفكر بأنه يجهل الكثير عن صديقته الوفيه
أنه قصر معها وهي أين هي الآن إبنتها تتكلم كثيرا ولكنها ثرثرت بما ارادت ورحلت
يرتمي على الكرسي الهزاز المقابل للنافذه وبدأ يقرأ
صديقي العزيز
أعتذر أني لم اودعك كان صعبا علي أن اراك ترحل ربما تعودت أن ارحل وأتحمل ألمي اما رحيلك
سبب لي ألما مضاعفا وحدي في هذه البلد التي بدأت أحبها لأنك فيها وبدأت أكرهها لأنك رحلت عنها
ولكن لم استطع ان اكره النهر والتله والساحه لم استطع أن اكره الذكريات الجميله التي جمعتني بك
كنت طيبا أحببت ثرثرتك كنت ذا خيال خصب كم أشتاق لقصصك ولركضنا بأقدام حافيه ووضع أرجلنا في النهر الصغير
بعد رحيلك عدت لما تعودت عليه العزله و الكتابه ولكن هذه المره كانت كتاباتي بطابع جديد كنت أكتب ما اكره
وبعد رحيلك بدات اكتب عن ما اريد وما اتمنى وما احب عدت لبلدي ولم البث طويلا حتى عاد بنا والدي لإرتحال جديد
بلد جديد لم اجد به صديقا مثلك مرت السنوات سريعه لأني دخلت لمدرسه تعلمت بها قبلوا بي وبثقل لساني وصعوبة نطقي
عندما انهيت الدراسه رجعت لهذا البلد الذي أعطاني الكثير اعطاني الذكريات الجميله الصحبه الطيبه
مياه النهر العذبه والساحات المرصوفه بأشجار ضخمه أحببت هذا البلد أحببت أزهاره التي تتلون وتتشكل بطبيعة الجو أحببت بك هذا البلد
بحثت عنك لم أجدك قيل لي أنكم لن تعودوا وقد بعتم المنزل حزنت كثيرا وللأسف كنت غضه فيأست وتوقفت عن البحث
بدأت اعمل في المدينه كنت أكتب القصص والمقالات وأرسلها لدور النشر صار لي إسم يميزني
عندما كنت أكتب كنت اتذكرك في كل كتاباتي هناك جزء منك
 كنت أتمنى أن تقرأ كتاباتي
لأنها صوتي ولو كان لي صوت لأردت ان تكون اول من يسمعه
إستقررت هنا ولم البث طويلا حتى تزوجت شابا من هذا البلد ورزقت منه بإبنه
يأكد الجميع أنها نسخه مني وأجدها اجمل مني بكثير توفي زوجي بعد عشر سنين
طلب والدي أن أعود إليه رفضت وبقيت هنا أنا وهي
 هل تعلم يا صديقي أني أفتقدك بالرغم من إنشغالي الدائم إلا أني أذكرك في كل ذلك
كنت الوحيد الذي يحدثني كإنسانه الوحيد الذي لم يعر أي إهتمام لما يقال  لم تعر عيناي الزرقاوتان
بالا لم تخف منهما عندما كنا نلعب سويا لم تخف أن اسحرك كما كان يقال عن عيني كنت
الوحيد الذي لم يخف من العقوبه التي يفرضها والدي كل طفل بتلك القريه إذا حاول ان يكلمني
خوفهم مني كان بدافع الخوف من كل ما يجهله المرأ لست ألومهم
  بفعلهم ذلك حصلت على صديق
لم أحلم يوما أن يكون موجودا
مرت سنوات طويله وبدأت اكبر أحسست اني كبرت كثيرا وأنت ايضا
كنت أفكر في كل يوم كيف هو وماذا يفعل هل سيفخر بي
كنت تقول لي لو أنك تستطيع أن تكتب لنشرت قصصك كتبت لك قصصك عرفانا مني
للوقت الذي قضيته معي وعلمتني فيه كيف أن جروح الصغار هي أجمل ما يبقى من ذكريات
وأن ندبها هي قصه للأحفاد تذكرتك كيف علمتني ركوب الدراجه الهوائيه رغم انك تحب أن تركض حافيا
تحب أن تختلط بالطبيعه أن تكون جزءا منها أذكر الكثير عنك يا صديقي وكم اخشى ان تكون نسيت
بحثت عنك مجددا بحثت بشوق بحثت بحب وعرفان
ستصلك رسالتي وعندها أرجو أن تغفر لي امرا
 هل الوقت قد آن لنلتقي
ملحوظه
إسمي تغير إلى إسم زهرتك المفضله و ضيعتنا الحبيبة
..........
مستحيل مستحيل مستحيل بدأ يرددها بتمتمات حتى أصبح يصرخ مستحيل
هي  هل يعقل هي
بدأ يبحث بين إيميلاته أين أنتِ أين أنتِ
ها هي هذه آخر رساله وصلته بعد طلاقه
الإنفصال الحقيقي هو إنفصال المرأ عن جذوره و أرضه
لا أنتِ  من أعدتني إلى هنا
أنتِ من كنتِ تكتبين لي عن بلدي بغربتي
أنتِ صديقتي بالمراسله انتِ كاتبتي المفضله
أنتِ هي هل يعقل ما فعلته بي يا سوسن صوفر 

هناك تعليقان (2):

Reda abdelsattar يقول...

تسلم ايدك ...جميلة عباراتك وتعابيرك ...مشاعر جميلة تأخذنا لزمن جميل بأسلوب راقى...

مهرة سالم يقول...

ممتنة لتعليقكم اللطيف أسعدتموني